خواطري (عزيزي ثيو ٢) تحت التعديل

عزيزي ثيو..

 أسمع آخر رسالة من ڤان جوخ إليك مرارا وتكرارا يا صديقي، لا زالت كلماتها تتردد في قلبي مع كل نبضة من نبضاتي، علمت من صدق كلماتها واستماعك إليها بقلبك أنك الشخص المنشود لأسطر له حروبي في الحياة انتصارا كانت أو هزيمة، سأكتب إليك في صمت شديد.

معركتي الأخيرة كانت مع نفسي، مع ضعفي، مع أهوائي، مع ألمي واضطرابي، فطرتي السليمة وشهواني ، كلهم جميعا كانوا أعداء يشنون حروبا بداخلي، أشعر بكل وخزة تصيب أحدهم في قلبي ينقطع لها نَفَسِي وتنزف لها روحيي، لم يكن هناك سبيل لتهدئة الأجواء إلا من خلال التعرف على جميع الأطراف بحسناتهم وسيئاتهم، أن أتفهم عقولهم وقلوبهم وأضمها جميعا إلى صدري، أن أستمع بجميع جوارحي حتي تهدأ الحرب.

 أتعلم يا صديقي ؟! ما زالت المعركة قائمة وما زلت بداخلها لكني لا أشن هجوما أبدا على العدو فهم ليسو بعدوٍ لي، بل جزءا لا يتجزأ مني، ولكني أنا البطلة .. بطلة في الحرب وبطلة في كل مسرحية في حياتي وبطلة في انتصاراتي وهزيمتي !

لم أعلم بأني بتلك القوة، ولم أعلم أني سألمس جمالا حتى بداخل جانبي المظلم، لم أكن أدرك أن الضوء يتدحرج شيئا فشيئا بين ثنايا الظلام حتى لمسني، لم يكن ضوءا عاديا، لم يكن أملا وتفاؤلا كما كنت أعتقد، ولا أعلم حتى الآن ماهيته، ربما نضجٌ كما يسمونه، وربما نفحات رحمة من الله، لكن كل ما متيقنة به أنه كان بمثابة صاعقة كهربائية أو صدمةٍ لقلبٍ توقف فجأة ليعيده إلى الحياة مرة أخري.

 لا زلت أتذكر ذاك الامل، كان زكي الرائحة ينعش جيوبي الأنفية ويصل إلى روحي ليكون ترياقا لخلايايا المريضة، كان طيب الطعم تذوقَته روحي بهناء حتى كادت أن تشبع من فرط السعرات التي بداخله على الرغم من صغر حجمه، لكنه أمد كامل جسدي بالغذاء الذي يحتاجه، كان منظره مبهر علي غير العادة فلم أر في رقته وعنفوانه في حياتي، كان متناقضا وجذابا فعلى رغم شعوري بوخزة مؤلمة عندما لمسني لكنه نشر بداخلي السلام في بضع من الثانية.

 بعد لحظات معدودة تحول هذا الضوء إلى بشريٌّ جديد داخل المعركة لكنه أعانني فى معركتي حتى أنهيها بسلام، رسولُ رحمة من الله، لكن العجيب في هذا الصديق أنه يستطيع أن يتحول إلى عدو إذا أسأت فهمه وتقديره ، هو بمثابة سلاح ذو حدين أوله معي وآخري ضدي قد يطعنني في قلبي او ظهري ربما لا أعلم أين ستكون الطعنة التالية ولكن كل ما أعلمه أنها ستكون الطعنة الأصعب ، ستكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير أو قسمت قلبي الصغير إلي أشلاء لا يمكن إصلاحها مرة أخرى ، هو بمثابة ورقة اليانصيب لي لكن ثقتي اللامحدودة به قد تؤدي بي إلى الهاوية . لذا .. قررت القوات الحربية بداخلي إقامة هدنة مع الطرف الجديد في المعركة تنص علي جسور من الفهم والحب والود المتبادل، والمعاونة في الشدائد والسلم ، والثقة المحدودة المتناهية عند مصلحة الشعب فإذا تضاربت المصالح وخان الثقة تحول ليهودي لا يُؤمن مكره وتشن ضده كافة الوسائل الوقائية لحماية ما تبقي من حدودنا النفسية السليمة لنعيش حياة هانئة مستقرة* والسلام على من اتبع الهدى ..❤ 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطري (براحٌ لا يسعنى)

خواطرى(ألم لا يُحتمل)

طفلٌ جريح