خواطرى (عزيزتي لؤلؤة)

عزيزتي لؤلؤة ❤ 

أعلم أن الأحداث في الآونة الآخيرة في حياتك كانت بمثابة مشاهد رعب غير مفهومة، وربما كانت أمواج متتالية تعصف بقلبك الرقيق دون رحمة تركتكِ تلفظين أنفاسك الأخيرة بصعوبة شديدة. كنتِ كمن تمشين وسط عاصفة ترابية لا أنتِ قادرة علي الرؤية ولا الشعور فقد تشوشت كل حواسك الصغيرة. أتذكر ألمك كل يوم قبل النوم تحاولين محاربة أفكارك المبعثرة تبحثين عن الراحة النفسية وكأنها إبرة وسط كومة قش، وأتذكر جيداً قطرات دمعك المتبقية في جفنيكِ وهي تحاول الهرب لكي تخرج من سجنها حتي تتحرر وتأتي لكِ ببعض الراحة ولو كانت بشق الأنفس. 

مازلت أتذكر نظراتكِ التائهة وابتسامتك المصطنعة وسط الجميع وأنتِ ترددين أنا بخير بكل رضا وكأنك داخل الجنة لا تتخبطين بابتلاءات عاصفة . أعلم أنه كلما عبرتي موجة عاتية أتتك التالية تقلب حياتك رأسا علي عقب وما زال صوتك الباكي يتردد في أذنيّ طالباً النجدة أو حتي بضع دعوات تعينك علي الطريق، ولكن كلما زاد صوت نحيبك أتتك سهام العدو من كل صوب تقتل ما بقي من روحك بسئ الكلام ونظرات دونية كأنكِ كنتي السبب في اختفاء بهجتك وانطفاء روحك. 

بصيصٌ من النور يأتي وقت غرقك وتتذكرين قوله تعالي (نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء)، وينقذكِ من الهلاك ويبعث لكِ طوق نجاةٍ في آخر اللحظات، فالفرج اقترب ومحاولات النجاة منك تزيد وتزيد حتي خرجتِ بآخر ما تبقي من روحك وجسدك الهالك إلى بر الأمان . وبعد أول نظرة منكِ نحو اليابسة وجدتي من مدَّ يده إليكِ بعدما سخره الله لكِ يشد علي روحك المتهالكة ويقوِّي منكِ ومن عزيمتك. 

ظننتِ يا لؤلؤة أنك ستجدين لؤلؤةً جميلةً مثلكِ في أعماق البحار لكنك لم تجدي سوي الهلاك، وتوالت ظنونك الخاطئة حتي خرجت إلى البر،  فاعتقدتي أنك ستعيشين ما تبقي من حياتك في راحة ولكن توالت عليك الاختبارات ومضيتي برضا وثباتٍ تارة وتخبطٍ تارة أخرى وسط الرياح العاتية تحاولين المجاهدة لنهاية الطريق. 

عزيزتي وصغيرتي وجميلتي❤ هكذا هي الحياة، هذا أقسي درس ستتعلمينه في حياتك، فالعمر ما هو إلا بحر من الاختبارات فإما وصول أو موت في سبيل النجاة، والربح العظيم في مجاهدة النفس ومحاربة الحياة وفتنها حتي تلقي الله بقلب سليم. أكملي ما تبقي من رحلتك وامضي في إيمان حتي وإن تعثرت خطواتكِ الصغيرة فانهضي مرة أخري وتعلمي من سقطتك السابقة. لن أكذب عليكِ لكنَّ الطريق صعبٌ وطويلٌ ومرهقٌ إلي حد كبير ولكن تذكري أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. 

احتفظي بجمال قلبك ورقته لنهاية الطريق ولا تجعلي قسوة الحياة تحولكِ من جميلةِ إلي وحشٍ ضارٍ لا يعرف الرحمة فاختبار الحياة يكمن في الحفاظ علي أرواحنا النقية لنهاية المطاف، فحتي إن خسرنا بعضاً من أنفسنا هناك وسط المعركة فلنضع أيدينا علي قلوبنا ونشد الرحال ونهمس في صمت: (اللهم إني أستودعك نفسي يا من لا تضيع عنده الودائع). ❤ 


تعليقات

  1. غير معرف11 يونيو 2023 في 8:44 ص

    عايزة احضن الخاطرة واحضن لؤلؤة 💖💖😭

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطري (براحٌ لا يسعنى)

صورة
أعشق تلك الطرق الفسيحة، وعلى جانبيها خضرة تعلوها أشجار خلابة تسرق قلبي في كل مرة أراها، أحاول أن أسمح لروحي بالتمدد مع هذا الاتساع، أتخيل كم هو كبير هذا الكون، أرضٌ تعلوها سماء تزينها نجومٌ كبيرة، كوكبٌ بجانب كوكب، الأرض تمازح الشمس وتلتف حولها طوال العام، وتلعب الأرض مع بقية الكواكب وتحاول كلها البقاء بجانب الشمس الأم تستمد منها الدفئ والأمان. كل مرة أسرح مع هذا الإبداع من الخلاق تنتابني مشاعر بعضها مريح والآخر مريب، كيف لكون فسيح كهذا أن يضيق علىّ، يتحول من براح إلى ضيقٍ يقتلني، كأني بين أربعة جدران تقترب من بعضها بعضا كلما مرت ثانية بعد ثانية، أشعر بالضيق في صدري، قلبي الصغير يعتصر، براحٌ لا يسعنى، أشعر بأن الكون يطردني من فسحته وينبذني كما فعل الآخرون، أود لو أن شيئا يخفف من وطئة الألم المزعج بداخلى، أتمنى أحيانا أن أطير بين ذرات الكون بدون قيود، أتنفس الصعداء في الحرية من جديد من بعد سجني العفن، أرى الكون يعيش وأنا ما لي بحية، أشاهدهم من بين قضبان قفصي الضيق. أكمل سيرى ثقيلةٌ محملةٌ بالهموم، أتفكر في الكون مرات عديدة بكل تفصيلة تدهشني، كل مرة يدلنى هذا الكون على خالقٍ حكيم، أكاد...
قراءة المزيد

خواطرى(ألم لا يُحتمل)

صورة
في وقتٍ مؤلمٍ  تشعرُ بأن خلاياك تكاد تنفجر من الداخل، لا تعرف ما سبب الانفجار الرهيب الذي بداخلك، ولا تعرف حتى الفتيل الذى يشتعل بدون مسبب، تشعر بأنك ممتلئٌ بالغاز المسبب للاشتعال، كأنك أنتَ المادة الخام لأي انفجار كونيّ. مشاعرٌ كثيرةٌ مبهمةٌ في الداخل، تخنقك الدموع التي لا تعرف لها سببا أكثر من تلك الصادرة عن شجار ما، وعقلك يكاد يجن جنونه من تلك الاضطرابات القوية، يحاول عقلك السيطرة على فرسٍ بدون لجام يحجم قوته. الألم يعصر قلبك بشدة، يختنق صوتك بداخل حنجرتك وتشعر بأن أحبالك الصوتية معقدة ومتشابكة في بعضها البعض، لا تعرف كيف تحرر نفسها من تلك العقد، سجنُ المشاعر بداخلك يكتظ بالمساجين، يكاد ينفجر من شدة غضبهم. في لحظةِ شجاعة تفكر بطلب المساعدة ولكنك تشعر بشعور سئ، لا أنت قادر على إنقاذ نفسك ولا حتى طلب النجدة من أحد، تصرخ في صمت شديد، مؤلم جدا أن تضحك بخلايا وجهك بينما قلبك غارقٌ في الألم من الداخل. ماذا عساي أقول لك؟ أهذا اضطراب نفسي يكمن بداخلك أم اضطراب بمن حولك أو ربما اضطراب في هذه الدنيا التي نعيش بها ؟! تريد أن تنفجر ولكن لرحمتك وحبك تخاف على أحبتك من الاحتراق من نيران قلبك، ...
قراءة المزيد

طفلٌ جريح

صورة
تُنسى كل الأيام الصعبة، كل الساعات المؤلمة، لكن لا تُنسى أبدا عدد مرات الخذلان، كم مرة كنت وحيدا في ألمك؟! كم مرة صفعت الأيدي وجهك بدلا من التربيت على كتفك! كم مرة بكيت وحيدا في ظلمات الليل تناجي نفسك سرا متى يشرق الصبح! أليس الصبح بقريب! يطول الليل بآلامه وتسرقك الذكريات من يقظتك إلى عالمٍ مخيف ممتلئ بالوحوش! ذاك العالم الذى أذى طفلا بريئا وأصبح كابوسه الأبدي وجوده في ذاك العالم اللعين. كيف له أن يثق بمن طعنوا براءته وقتلوها بدمٍ بارد؟! كيف له أن يصدق أن هناك هدنةٌ يمكن أن تصلح ما انكسر! أيرجع فتات قلبه الذى تفتت لملايين القطع المتألمة بين أضلعه سليما كما خُلق؟ العالم موحِشٌ على هذا الطفل الخائف، يخبروننا في علم النفس أن الصدمةَ لا تكون صدمةً إلا حين تعيشها وحيدا، إلا حين يتعرى ظهرك بدلا من أن يتغطى بدفء الطفولة! بدفء الونس، بدفء العائلة، بدفء السند. يخبروننا أيضا، أن الطفل الداخلي يريد من يحنو عليه بعد قسوة العالم، أأحنو عليه وأصلح ما أفسده العالم بي! أليس هو جزءٌ مني؟ أول لبنة في بنائي المتهالك، أأصلح ذاتي وجروحي بيدي الجريحة؟! كيف لهذا العالم أن يطلب مني دفع ضريبة ليست لي؟! كيف يجع...
قراءة المزيد