خواطرى ( رسالة اعتذار)

عزيزتي لؤلؤة
يؤسفني أن الحياة قادتنا مرة أخرى لأن نتخاصم ويعطي أحدنا الآخر ظهره، أو لأكون صادقة أنا من أعطيكي ظهري مرة أخرى، ربما لأن هذه هى الطريقة التى نشأت عليها، تجاهل المشاكل، وكما تعلمين التعلم في الكبر كالنقش على الحجر كما يقولون، أحاول أن أتعلم ألا أتجاهل مشاكلي وألمي، ألا أتجاهلك يا نصفي النقي، ألا أتجاهل صراخك.
يؤسفني أن أخبرك أني أكره الصوت المرتفع الذى تصدرينه، لطالما كان هذا الصوت مصدرا لذكرياتٍ مؤلمة وأنت بتكرارك إياه تضعين خنجرا في جرحي! كيف تستطيعين الصراخ والبكاء والشكوى بدون انقطاع وبدون احترام لمشاعري! كيف لي أن أهتم بك بدون تعب! 
كلما زاد صراخك وعلى صوتك أزيد أنا في ضغطي بإصبعي داخل أذنىّ كى لا أسمعك، أكاد أجرح أذنيّ ولا يهمني إن كان هذا في سبيل عدم سماع صراخك! 

أعترف أني أفقد الاتصال بك كثيرا، حتى أنني أفقد الاتصال بالله، لكني صدقا لا تكون لدى القدرة على ذلك وكأن العالم بداخلي توقف عن العمل، يرجوني ألا أستمع لأى حد. 

أعترف أيضا أني أكرر نفس الأخطاء التي بكيت مرارا وتكرارا منها من قبل، أعترف أني أفعل ما كان يفعله آباءنا وأمهاتنا من أخطاء، أحاول جاهدة ألا أكون سلسلة تستمر بمزيدٍ من الجروح لي ولأجيال قادمة، لكن ولضعفي أقع في نفس الجحر، أُلدغ من الأفعى نفسها مرات عديدة ولكن هذه المرة أنا الأفعى، أنهض باكية أضمد جراحي وأحلف بالله أني لن أعود مرة أخرى، وأعود وأعود كأني أتطلع للجرح مرة أخرى! أعلم أنى لا أتعمد الوقوع في الخطأ لكني تعبت من هذه الرحلة القاسية، وكأن شريط ذكرياتي بآلامه يتكرر علىّ مع كل موقف جديد، أعتقد أني كبرت ولكني ما زلت صغيرة بالداخل، صوت صراخك هو صوت ألمي الذى أتجاهله، صوتك هو صوت الحق الذى لا يمكن كبته، أحيانا أغضب منك وأحيانا أخرى أشكر الله أنك ما زلت حية بداخلي توجهيني للصواب كلما ضللت، البوصلة التي تخبرني بالطريق في رحلتي والتي وإن ضاعت ضعت! أتذمر منك كالطفل الصغير وأقول أنك طفلة مزعجة وأنا الشخص المزعج في هذه العلاقة، أنا الشخص الذى يهرب من نفسه، يهرب لأي شئ سواه وكأنه لا يعرف طريق منزله، يضل مرات عديدة كالمصاب بالزهايمر، لا ينسى فقط عنوان منزله لكن حتى قد ينسى اسمه وينسى هويته! 

أغضب كثيرا من نفسي وألعنها حين أفعل بك نفس ما فعله بى أبواي، حين أرميكي بنفس سهامهم القاتلة، أخبرك أنك لست كافية، وأن كل ما تفعليه دائما ناقص، ماذا ينقصه لا يهم المهم أنه ناقص وأنت ناقصة وستظلين ناقصة مهما حققت من إنجازات، تصرخين أنت باكية تحاولين التعبير عن مشاعرك وأنهرك أنا بصوت صاخب مزعج أكثر إزعاجا من صوتك، تحاولين التواصل فأغلق بوجهك الباب، ربما أنهال عليك ضربا وأذى، أؤذيكي كما تأذيت، كأني أنتقم منهم فيكِ ! عجبا لهذا الأذى الذى يمتد أثره لحدٍ أعجز عن منعه وصده عنك. 

أعتذر منك وكلي خيبة تعلو قلبي وخزي بسبب أفعالي، لا أعرف إن كنتِ ستقبلين هذا الأسف الأجوف لكنه أسفٌ به جرحٌ عميق يحاول أن يُشفى، ولن يُشفى إلا بمساعدتك، أنا ومحاولاتي وحدها لا تكفي، ذكريني دائما بأن الحياة جميلة وعفوية مثلك، أن الحياة بها أمل مهما زاد الألم، وأن الجروح يمكن أن تلتئم، وإن لم تلتئم فيمكننا الاستمتاع بما بقى من حياتنا سويا ونحن ننزف الأمل لا الألم، أرجوكِ لا تفلتي يديّ في هذه الرحلة القاسية، أنت وحدك من تسمعين ضجيج أفكاري وعَبَراتي المكتومة ومشاعري المضطربة، أرجوكِ لا تفقدي الأمل بي وأعطيني بعضا من ثقتك وسأريكي أنه بالحب يمكننا أن نحلق سويا لسماء الشفاء 🤍🤍 

أريد أن أخبرك بالمزيد فهلا استمعتي وأنصتتي إلىّ، أتعلمين أني بدونك أشعر بأنى كالتائه في صحراء جرداء لا حياة بها، أشعر بأن جوفي فارغ مهما حاولت ملئه يظل فارغا، أشعر بأن داخلي ثقب أسود يبتلع كل مصدرٍ للحياة، وأشعر أن الحياة توقفت لحظة انفصالي عنك ولكنك تأتين  بحيويتك المشعة تملأين كل فراغ، وتزرعين صحرائي بنباتات حية مثلك، وتجمعين كل مفقود وتحيين الأموات بداخلي، تعيدين لي الحياة مرة أخرى يا حياتي. ❤

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطري (براحٌ لا يسعنى)

خواطرى(ألم لا يُحتمل)

طفلٌ جريح